حكم صلاة التسابيح وكيف تصلى
السؤال:
ما حكم صلاة التسابيح وكيف تصلى؟
الجواب:
هي سنة مستحبة، فقد ” نصَّ جماعةٌ من أئمة أصحابنا على استحباب صلاة التسبيح هذه، منهم أبو محمد البغوي وأبو المحاسن الروياني. قال الروياني في كتابه ” البحر ” في آخر ” كتاب الجنائز ” منه: اعلم أن صلاة التسبيح مُرَغَّب فيها، يُستحبّ أن يعتادها في كل حين، ولا يتغافل عنها، قال: هكذا قال عبد الله بن المبارك وجماعة من العلماء” ثم قال الشيخ شعيب الأرناؤوط معلقا على الحديث: ” هو حديث صحيح لطرقه وشواهده “.
وكيفيتها أن تصلي أربع ركعات يقول فيها ثلاثمائة مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ولذلك سميت صلاة التسابيح، والطريقة المعتمدة أنه يقول ذلك بعد القراءة خمس عشرة مرة، وفي الركوع عشراً، وفي الاعتدال كذلك، وكذا في السجود الأول، والجلوس بين السجدتين، والسجود الثاني، والجلوس للاستراحة، فذلك خمسة وسبعون، وفي الركعة الثانية كذلك إلا أن العشرة الأخيرة في جلوس التشهد قبله، وهكذا الركعتان الأخيرتان.
ودليل سنيتها ما روي في سنن أبي داود عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: ” يا عباس، يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك عشر خصال، إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم، قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا، فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد، فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك، فتقولها عشرا، فذلك خمس وسبعون، في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل، ففي عمرك مرة “.
” قال الحافظ ابن حجر في كتاب الخصال المكفرة: قد أساء ابن الجوزي بذكره إياه في الموضوعات… وقال في أماليه: وردت صلاة التسبيح من حديث عبد الله بن عباس وأخيه الفضل وأبيهما العباس، وعبد الله بن عمر، وأبي رافع، وعلي بن أبي طالب، وأخيه جعفر، وابنه عبد الله بن جعفر، وأم سلمة، والأنصاري غير مسمى، وقد صححه ابن خزيمة، والحاكم، وابن مندة، وألف فيه كتابا، والآجري، والخطيب، وأبو سعيد السمعاني، وأبو موسى المديني، والديلمي، وأبو الحسن بن المفضل، وابن الصلاح، والمنذري، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات، والسبكي وآخرون انتهى. وقال الزركشي في تخريج أحاديث الرافعي: غلط ابن الجوزي بلا شك في إخراج حديث صلاة التسبيح في الموضوعات، وهو صحيح وليس بضعيف فضلا عن أن يكون موضوعا، وابن الجوزي يتساهل في الحكم بالوضع انتهى. وصححه أيضا الحافظ صلاح الدين العلائي، والشيخ سراج الدين البلقيني في التدريب، وأفردت – القائل السيوطي – فيه تأليفا سميته (التصحيح في صلاة التسبيح)” .
ونقل ابن حجر العسقلاني عن الدارقطني أنه قال: أصح شيء في فضائل سور القرآن {قل هو الله أحد} [الاخلاص:1] وأصح شيء في فضل الصلاة صلاة التسبيح. وصنف أبو موسى المديني جزءا في تصحيحه فتباينا. قال ابن حجر: والحق أن طرقه كلها ضعيفة وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن. وضعفه النووي في المهذب لكنه حسنه في كتابه تهذيب الأسماء واللغات وقواه واحتج به في كتابه الأذكار، ونسب الحافظ العراقي في تخريجه للإحياء تصحيحه لأبي علي بن السكن والحاكم . وصححه الألباني في تخريجه لابن ماجة وأبي داود. وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: ” وقال ابن حجر: لا بأس بإسناد حديث ابن عباس وهو من شرط الحسن فإن له شواهد تقويه وقد أساء ابن الجوزي بذكره في الموضوعات”.
قال المنذري: ” قال الحافظ: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة وأمثلها حديث عكرمة هذا وقد صححه جماعة منهم الحافظ أبو بكر الآجري وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي رحمهم الله تعالى، وقال أبو بكر بن أبي داود سمعت أبي يقول ليس في صلاة التسبيح حديث صحيح غير هذا. وقال مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى لا يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا يعني إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس. وقال الحاكم: قد صحت الرواية عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم ابن عمه هذه الصلاة… ثم قال هذا إسناد صحيح لا غبار عليه “.
خلاصة الأمر أنني وقفت على ثلاثة وعشرين من الأئمة القدماء واثنين من العلماء المعاصرين قالوا بصحة حديث صلاة التسابيح، وهم: ابن خزيمة، والحاكم، وابن مندة، والآجري، والخطيب، وأبو سعيد السمعاني، وأبو موسى المديني، والديلمي، وأبو الحسن بن المفضل، وابن الصلاح، والمنذري، والنووي، والسبكي، والزركشي، والحافظ صلاح الدين العلائي، والشيخ سراج الدين البلقيني، وأبو بكر الآجري، وأبو محمد عبد الرحيم المصري، والحافظ أبو الحسن المقدسي، وأبو علي بن السكن، والحاكم النيسابوري، والسيوطي، ونسب أبو بكر بن أبي داود لأبيه تصحيحه، ومن المعاصرين الألباني وشعيب الأرناؤوط، وحسنه ابن حجر العسقلاني، والنووي في موضع آخر.
فليس بعد هؤلاء العلماء كلام، والله تعالى أعلم.
مصدر الفتوى من كتاب:
دار النشر: دار الرازي للنشر والتوزيع، مكان النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة:
الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (35-39).
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.